د. الكتاتني يكشف تفاصيل لقائه بوفد الكونجرس الأمريكي

 
د. محمد سعد الكتاتني



- حضرتُ حفل الاستقبال بصفتي البرلمانية ود. سرور قدَّمني بوصفي رئيسًا لكتلة الإخوان
- قلتُ لرئيس الوفد الأمريكي: حماس حركة مقاومة والمشكلة في الإرهاب الصهيوني
- وفد الكونجرس تهرَّب من الإجابة عمَّا ذكرته حول ازدواجية المعايير الأمريكية
- موقف الإخوان من الحوار مع أمريكا ثابت ولم يتغير


أجرى الحوار- عبد المعز محمد

احتلت مشاركة الدكتور محمد سعد الكتاتني- رئيس الكتلة البرلمانية للإخوان- ضمن الوفد البرلماني المصري في اللقاء مع وفد الكونجرس الأمريكي، ثم حضوره حفل الاستقبال الذي نظَّمه السفير الأمريكي بالقاهرة للوفد الأمريكي، مساحة كبيرة من النقاش في الصحف ووسائل الإعلام المحلية والعالمية، وهناك مَن وصف لقاء الكتاتني بوفد الكونجرس بأنه بدايةٌ لحوار بين جماعة الإخوان والإدارة الأمريكية، ورأى البعض الآخر أنَّ الحزبَ الوطني ممثلاً في الدكتور فتحي سرور هو الذي "شنكل" الإخوان في هذا المطب بدعوته للدكتور الكتاتني لحضور اللقاء المشترك، وكعادة أي قضية يكون الإخوان طرفًا فيها فإنَّ كثيرًا من المغالطات والأكاذيب هي التي تُسيطر على المشهد.


 نكشف من خلال هذا الحوار مع الدكتور محمد سعد الكتاتني حقيقةَ ما جرى مع الوفد الأمريكي، وردود الأفعال داخل الجماعة من هذا اللقاء، وما القضايا التي تناولها الطرفان، وهل فعلاً كانت هناك حفاوة خاصة بالدكتور الكتاتني؟ وهل كانت هناك نقاط اتفاق بين الجانبين أم أن اللقاء كان صداميًّا على طول الخط؟.. إليكم التفاصيل:

* في البداية.. مَن الذي وجَّه لك الدعوةَ لحضور هذا الاحتفال؟ وهل كانت عن طريق مجلس الشعب؟
** أولاً.. كانت هناك دعوتان الأولى جاءتني يوم الأربعاء الماضي (4/4/2007م) من السفير الأمريكي بالقاهرة لحضور حفل استقبالٍ تُنظمه السفارة في منزل السفير الملحق بالسفارة في اليوم التالي على شرف وفد الكونجرس الأمريكي، إلا أنه يوم الخميس وجَّه إليَّ الدكتور فتحي سرور رئيس مجلس الشعب الدعوةَ للمشاركة ضمن وفد مجلس الشعب الذي سيلتقي مع وفد الكونجرس الذي كان سيزور المجلس يوم الخميس أيضًا، وبالفعل تمَّ اللقاء بين الوفدين في مكتب الدكتور سرور، وقد كان من بين المشاركين من الوفد المصري الدكتور عبد الأحد جمال الدين زعيم الأغلبية ومحمود أباظة رئيس حزب الوفد ورئيس هيئته البرلمانية في المجلس، ود. مصطفى الفقي رئيس لجنة العلاقات الخارجية، واللواء سعد الجمال رئيس لجنة الشئون العربية، ود. مصطفى السعيد رئيس اللجنة الاقتصادية، وكمال أحمد الممثل عن المستقلين في الأمانة العامة للمجلس؛ وبذلك فإنَّ الوفدَ المصري كان يُمثِّل كافةَ الاتجاهات الموجودة في مجلس الشعب، بينما ضمَّ الوفد الأمريكي 7 نواب من الديمقراطيين و4 من الجمهوريين.
رئيس الكتلة

* بأي صفةٍ قدَّمك الدكتور سرور للوفد الأمريكي؟
** هو قال بالنص "الدكتور محمد سعد الكتاتني من الناحية الفعلية هو رئيس الكتلة البرلمانية للإخوان المسلمين، لكننا من الناحية القانونية نعتبر نواب الإخوان من المستقلين لأنه ليس لهم حزبٌ سياسي".
* وما الذي دار في هذا اللقاء؟!
** الدكتور سرور بدأ بالترحيب بالوفد الأمريكي، ثم عرَّف أعضاء الوفد المصري، ثم أكد على حرص مجلس الشعب المصري للتواصل مع الكونجرس الأمريكي لمناقشة قضايا المنطقة المختلفة، وتطرَّق النقاش إلى السياسة الأمريكية في المنطقة، خاصةً في فلسطين والعراق، مؤكدًا أننا نُعارض هذه السياسة غير المتوازنة ونعارض احتلال العراق، وقال أيضًا إنه لو كان احتلال أمريكا للعراق مثلما حدث مع احتلالها لألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية؛ حيث فرضت الاستقرار بألمانيا وساعدت على تطويرها وبنائها لكان الوضعُ مختلفًا، ولنظر العراقيون إلى القواتِ الأمريكية بشكلٍ مختلفٍ عمَّا يجري الآن.
ثم انتقل د. سرور بالحديث إلى التعديلات الدستورية، وأنها تأتي ضمن تنفيذ البرنامج الانتخابي للرئيس، وأنَّ هذه التعديلات تصبُّ في مصلحةِ الوطن وتعد قفزةً في الإصلاح السياسي، وأنها سوف تُحدث تغيرًا ملموسًا نحو الأفضل في المجتمع المصري.
تهرب الأمريكان


* هل معنى ذلك أن الدكتور سرور هو الذي تكلَّم فقط في هذا اللقاء؟

** لا أبدًا؛ لأنه بعد هذا الكلام مباشرةً فتح باب النقاش وتكلمتُ أنا وقلتُ إنني أتفق مع الدكتور سرور في الشقِّ الأول من الكلام، وهو موضوع العراق، بينما أختلفُ معه كليًّا في الشق الثاني الخاص بالتعديلات الدستورية؛ لأنَّ هذه التعديلات كان الهدف منها إقصاء جماعة الإخوان عن الحياة السياسية بعد تعديل المادة 5 من الدستور، وإضافة فقرة لها تحظر النشاط السياسي والحزبي على أساسٍ ديني أو أن يكون له مرجعية دينية، كما أن هذه التعديلات تعود بنا إلى عهود التزوير من خلال تعديل المادة 88 بتهميش دور القضاة في الإشراف على العملية الانتخابية، كما تهدف التعديلات إلى تكريس الدولة البوليسية من خلال المادة 179 المتعلقة بقانون الإرهاب، وبعدها توجهتُ بحديثي للوفد الأمريكي قائلاً لهم: إن هناك ازدواجيةً واضحةً في المعايير بالنسبة لقضايا حقوق الإنسان؛ ففي الوقت الذي تدَّعي فيه الولايات المتحدة رعايتها لحقوق الإنسان نجدها تدافع بكل قوةٍ عن قضية الدكتور أيمن نور رغم أنه في السجن ينفذ حكمٍ قضائي أيًّا كان السبب في القضية، بينما تغض الطرف ولم نسمع كلمةً واحدةً عن رفضها للاعتقالات التي طالت قيادات الإخوان ثم التحفظ على أموالهم، وبعدها إحالتهم إلى محاكمةٍ عسكرية، وهو ما يؤكد أن هناك ازدواجيةً واضحة في كل الملفات
* وماذا كان رد الوفد الأمريكي؟
** لم يقدموا أي رد، ونقلوا الحديث إلى دارفور، وقالوا إنهم زاروها ووصفوا الوضع من وجهةِ نظرهم بأنه مأساوي، وأن لديهم تقارير تؤكد أن أكثر من 2000 من أهالي دارفور يموتون أسبوعيًّا، وأن مصر لم تقم بالدور المنوط بها في هذه القضية، فردَّ عليهم اللواء سعد الجمال وقال إنه كان في زيارةٍ ميدانيةٍ لدارفور، وإن بهذا الإقليم 6 ملايين مسلم، وإنه يصعب أن ينشأ بينهم قتال، ولكن المشكلة في التدخل الدولي، خاصةً من الولايات المتحدة التي تطمع في ثروات هذا الإقليم، ولو أنها ركَّزت جهدها في تقديم المعونات الإنسانية لأهالي دارفور وساعدت في برامج تنمية الإقليم لاختلف الوضع الراهن وانتهت المأساة.
ثم تحدَّث الوفد الأمريكي عن حكومة الوحدة الفلسطينية واتهموا حماس بأنها منظمة إرهابية وتُصدر الإرهاب في كل المنطقة، وهو ما ردَّ عليه النائب كمال أحمد، مؤكدًا أنَّ الإرهاب صناعة أمريكية، وأنَّ أمريكا هي التي صنعت الإرهاب في أفغانستان ثم صدرته للمنطقة العربية ولم تستطيع أن تصرفه.
* ولماذا لم تقدم ردًّا على هذا الاتهام لحماس؟
** قدمتُ بالفعل ردًّا وقلتُ لهم: إنَّ ما يحدث مع حكومة الوحدة الفلسطينية خيرُ دليلٍ على ازدواج المعايير الأمريكية، ففي الوقت الذي تتشدق فيه الولايات المتحدة بدعم الديمقراطية فإنها ترفض بل وتحارب الشعب الفلسطيني على خياره الديمقراطي النزيه، كما أن حماس حركة مقاومة تُدافع عن حقها، بينما الإرهاب من جانب الكيان الصهيوني الذي يقتل الأطفال والأبرياء ويُدمِّر البيوت وينتهك الحرمات.
* إذن لم يكن هناك حوار خاص معك تحديدًا أو كان هناك تطرق لوضع الإخوان في مصر؟
** هذا لم يحدث إطلاقًا.. وكل ما حدث أنَّ أحدَ أعضاء الوفد سألني بعدما تحدثتُ عن التعديلات الدستورية عن مدى استجابةِ باقي النواب لما نطرحه، فقلت له إنه في اللقاءات الخاصة غير الرسمية نجد استجابةً كبيرةً من معظم نواب الحزب الحاكم، وأنهم يؤيدون خطواتنا نحو الإصلاح، إلا أنَّ هذا التأييد يختلف في الجلسات العامة التي يلتزم فيها نواب الأغلبية برأي حزبهم، وبالتالي يصوتون لما يقدمه هذا الحزب.
وأريدُ أن أشير هنا إلى أنني لم أكن فقط المتحدث في هذا اللقاء، فكما ذكرتُ تحدَّث رئيس المجلس واللواء سعد الجمال وكمال أحمد وآخرون، ولم يتطرق الحديث للإخوان إطلاقًا، كما أنَّ الوفد الأمريكي كان مهتمًا للإنصاتِ أكثر من الكلام.
حفل الاستقبال
* إذن طُرح موضوع الإخوان خلال حفل الاستقبال في المساء؟!
** هذا لم يحدث أيضًا؛ لأن حفلات الاستقبال مفتوحة، والحديث فيها يغلب عليه الطابع الثنائي، وقد وجهوا الدعوةَ لعددٍ كبيرٍ من السياسيين والإعلاميين؛ حيث حضر معنا الدكتور أحمد كمال أبو المجد ومنير فخري عبد النور ود. هالة مصطفى ود. مني مكرم عبيد ود. محمد كمال من الحزب الوطني والإعلامي حافظ الميرازي مدير مكتب قناة "الجزيرة" في واشنطن سابقًا، والكاتبة الصحفية إقبال بركة وعدد آخر من الشخصيات المصرية، وقد بدأ الحفل بكلمةٍ للسفير الأمريكي قدَّم فيها رئيس وفد الكونجرس الذي قدَّم بدوره أعضاء الوفد بصفاتهم داخل الكونجرس والدوائر التي يمثلونها، وبعدها كان الجميع يقفون مع بعضهم البعض سواء ثنائيات أو جماعات، وكنتُ أقف مع الدكتور أحمد كمال أبو المجد، حتى جاءني أحد موظفي السفارة وأخبرني أن رئيس الوفد الأمريكي يريد التحدث معي، وانتحينا جانبًا ودار بيننا حديث عن حركة حماس.
أبو المجد شاهدًا
* ولكن بعض وسائل الإعلام قالت إن الحديث تم في صالون ملحق بصالة الاستقبال وإنه تطرق إلى قضايا كثيرة؟
** هذا لم يحدث؛ لأن المكان كان مفتوحًا على بعضه، ولم يكن هناك صالونات ملحقة أو شيء من هذا القبيل، كما أنه- كما ذكرت- فقد وقفتُ أنا ورئيس وفد الكونجرس وسط المدعوين، وكان المكان في مكتبة السفير الأمريكي على ما أتذكر، وكانت تقف بجوارنا مباشرةً الدكتورة هالة مصطفى وآخرون، وكما قلتُ لك فإن حفلات الاستقبال تكون في مكانٍ مفتوحٍ والناس تقف مع بعضها البعض ثنائيات في الغالب.
كما أن كل ما يدور يكون عبارة عن دردشة، بل إنه في نهاية كلامي مع رئيس الوفد الأمريكي اقترب منا الدكتور أحمد كمال أبو المجد الذي دار بينه وبين رئيس الوفد الأمريكي حوار أيضًا، إلا أنني انسحبت وقتها وانصرفتُ وكنت أول مَن انصرف من الحفل؛ لأنني كنتُ مرتبطًا بسفرٍ لبلدتي المنيا بعد انتهاء جلسات المجلس يوم الأربعاء.
* وما الذي دار بينك وبين رئيس وفد الكونجرس في هذا اللقاء؟
** هو أراد أن يكمل موضوع حماس الذي تحدثنا عنه في مجلس الشعب في الصباح وسألني عن أسباب تأييدي لحركة حماس رغم أنها "منظمة إرهابية" من وجهة نظره، فقلت له إن حماس حركة مقاومة وتدافع عن نفسها من إرهاب "إسرائيل" الذي يقتل الأطفال والأبرياء، وأن الكرة الآن في ملعب الولايات المتحدة، خاصةً بعد المرونة التي أبدتها الحركة في اتفاق مكة وقبولها لمبدأ الدولتين على حدود 67 بشرط عودة اللاجئين، فقال رئيس الوفد الأمريكي إن عودة اللاجئين معناه اختفاء "إسرائيل" من الوجود، فقلت له إن هذه مشكلتهم، فسألني وما الحل؟ فقلتُ له: الحل إن يعود اليهود إلى موطنهم الأساسي، يعودون من الدول التي جاءوا منها بعد احتلال فلسطين، واستمر بيننا الجدل حول هذا الموضوع هو يدافع عن الكيان الصهيوني وأنا أدافع عن حماس، حتى اقترب منا الدكتور كمال أبو المجد فانصرفتُ أنا، ولم نتحدث عن أي شيء آخر غير هذا الموضوع.
موقف الجماعة
* الحوار مع الولايات المتحدة قضية شائكة لدى الإخوان.. فهل أخبرت مكتب الإرشاد أو أحدًا من قيادات الجماعة بهذه الدعوة؟!
** لا لم يحدث لأنني ذهبت بصفتي النيابية، كما أنَّ لديَّ صلاحيات كرئيسٍ للكتلة بأن ألتقي مع وفودٍ برلمانيةٍ أخرى سواء على المستوى الإقليمي أو الدولي، كما أنه لديَّ صلاحيات أن ألتقي مع منظمات المجتمع المدني وغيرها من المؤسسات، طالما كانت الدعوة موجهةً بالصفة النيابية، فهذا جزءٌ من نشاطنا البرلماني، ومن المعروف أن جماعة الإخوان تتحفظ على أي حوارٍ مع الأمريكان لتاريخهم المخزي في المنطقة، وأن الجماعة تعلن دائمًا أنه لن يكون هناك أي حوار بينها أو مع أحد من قادتها إلا بعلم الخارجية المصرية
* ولكن- د. سعد- أنت رئيس الكتلة البرلمانية للإخوان، وتقول إن الإخوان يرفضون إجراء حوار إلا بعلم الخارجية، ألا ترى في ذلك تناقضًا؟
** نعم الكتلة تتبع الجماعة، ولكن كما ذكرت فأنا لديَّ صلاحياتٍ كرئيس كتلة نيابية في أن ألتقي بنظرائي البرلمانيين من مختلف الدول لتبادل وجهات النظر، وعلى هذا الأساس نحن في الكتلة نشارك في الزيارات الخارجية، ونلتقي مع منظمات المجتمع المدني الدولية والمحلية فهذا عُرفٌ برلماني مستقر، كما أنني كنتُ ضمن الوفد الرسمي لمجلس الشعب في اجتماعات البرلمان الدولي بكينيا في مايو الماضي والتقيت هناك ببرلمانيين من كلِّ الدول وأجرينا لقاءات مع كل الوفود باستثناء وفد الكينست؛ لأننا لا نتعامل معه على الإطلاق.
* بعد مشاركتك في حفل الاستقبال وبعد هذا الجدل في وسائل الإعلام.. هل وجهت لك الجماعةُ نقدًا لحضورك حفل الاستقبال والالتقاء بوفد الكونجرس؟
** هذا لم يحدث، ولن يحدث؛ لأنني كما قلت لك لديَّ صلاحيات باعتباري نائبًا يمثل الشعب المصري ورئيسًا لأكبر كتلة معارضة في البرلمان، وكل ما جرى أن قيادات الجماعة سألوني كما سألتني أنت عمَّا دار في الحوار، وأخبرتهم بما ذكرته لك.

No comments: